يحكى انه كان ملكاً عنده بنت صغيره في السن وكان في زمانه سبعة من العباد الصالحين يعبدون الله سبحانه وتعالى حتى شُهِر خبرهم في البلاد وفاقوا على أهل زمانهم في العبادة وبنو خيمة يعبدون فيها الله سبحانه وتعالى بدل أن يسكنوا في بيت وهذا من شدة زهدهم في هذه الدنيا ، وكانوا يصنعون الحصر أربعة وثلاثة منهم يعبدون الله سبحانه وتعالى ، فإذا فرغو من عمل الحصر وباعوها أخذوا في العبادة وبدءوا الثلاثة العباد الآخرين بصناعة الحصر وبيعها في المدينة وهي بانياس ويأخذوا ثمنها زيتاً وشعيراً ليأكلوا من هذا الطعام الزهيد وكان لباسهم الحصر التي يصنعوها حتى تقشرت أعناقهم واجتهدوا في العبادة ليلا ونهار حتى وصل خبرهم إلى الملك ، فزهد في الدنيا وأراد أن يلتحق بهم ليعبد الله تعالى ويترك ملكه وابنته ، فقالت له ابنته : خذني معك يا أبتي ولا تتركني وحيدة فيتصدع قلبي على فراقك ويتقطع كبدي حزناً عليك فيكون إثمي عليك أكثر من الثواب الذي ترجوه من ربك، فألبسها ثياب الرجال وذهبت معه إلى السبعة العباد وأخذوا في العبادة معهم ، وبقوا على ذلك زماناً طويلاً حتى مرض الملك وقبل وفاته بقليل قال لهم أوصيكم بابني هذا والمقصود ابنته الست شعوانه (رضي الله عنها) التي لبست ثياب الرجال وعاشت معهم تعبد الله تعالى ، ثم توفى الملك وتابعوا العبّاد مع الغلام عبادتهم وعملهم بالحصر، وفي ذات يوم بينما كان الغلام في المدينة يبيع الحصر رأته بنت الملك فأعجبها حسنه وجماله وطلبت منه بأن يعصي الله تعالى فرفض وانصرف إلى عبادة الله مع العبّاد ، فتهمته بتهمة كاذبة وقام الملك بتعذيبه ونفاه إلى جبال لبنان ، فصبر واحتسب لوجه الله تعالى وأخذ في العبادة حتى أصبح مستجاب الدعاء من شدة إخلاصه وتعبده وكتمه للسر ، فسمع الملك بخبره بأنه مستجاب الدعاء فأمر بإحضاره ليعود إلى رفاقه العباد ليعبد الله معهم ففرحوا بقدومه فرحاً كبيراً وعلم الملك أن ابنته كاذبة وتعدت على الغلام ، وبعد فترة مرض الغلام فقال لرفاقه أوصيكم بعد موتي بأن تدفنوني في ثيابي هذه لكي لا يعرفوا بأنه فتاة وليس غلام فرفضوا ذلك لأن من عادات العباد غسل الميت قبل دفنه ، فلما توفى قاموا بغسله فعلموا أنها فتاة فتعجبوا من ذلك وأيقن حينها الملك بأن ابنته كذبت وتعدت عليها وعلى العباد فأمر بقتلها وقطع رأسها ويدار برأسها في الشوارع ويقولوا : هذا جزاء من صنع الفاحشة وادعى بها على أولياء الله تعالى ودفنت الست شعوانه رضي الله عنها وتوكلوا في دفنها الملائكة كرامة لها ومكان دفنها في بلدة عين قنيا ومدفن والدها بجانب البلدة ويقال له الحزو ري (رضي الله عنه وعنها)...