أنا مواطنة سورية بسيطة ( على الأقل بطريقتي الخاصة ) ، استيقظ كل يوم أمارس عملا ً في قطاع خاص ، يعطيني دخلا ً جيدا ً بالمعايير العامة وأقل من توقعاتي بكثي
ر
درست ما يفترض أنه أحد أفضل الفروع الدراسية في سوريا وأمتلك كشابة الكثير من الأحلام والطموحات والتوقعات
لازلت أملك هذا الإيمان البسيط ، واللامنطقي .. والغير قابل للشك / بالغد .. والوطن /
ولا زال قلبي يخفق بكل عاطفية كلما سمعت " بكتب اسمك يا بلادي " وتدمع عيناي على " حلوة يا بلدي " علما ً أني لم أبتعد عن سوريا أكثر
من اسبوعين أو ثلاثة ..
لا زلت أصاب بالدهشة كلما رأيت أحلاما ً تختنق هنا لتنمو في أوساط أكثر رفاهية .. وتعتريني الغصة حتى أعماق أعماقي .. كلما رحل أحد أصدقائي مكرها ً إلى الغربة
أتمسك بأوراقي ، وشهاداتي التي أحاول تحصيلها والبعض القليل من الثقافة التي أمتلكها
وأصر على تفصيل أحلامي على مقاس البلد ، أقص قليلا ً من أكمامها .. أضيف بعض الحشمة إلى ياقتها وأرضى بترقيع الكثير الكثير من
زوايا توقعاتي ، لتناسب " بساطي "
يطالعني كل أسبوع " مطلوب طبيبات أسنان " هنا وهناك " وأمر بها سريعا ً ، خوفا ً من أن تغريني إحداها أن أدير ظهري لتلك البذرة السورية
التي في ّ وأصدق أنني أستطيع أن أسبح خارج محيطي
المشكلة الكبرى يا إصدقائي ، إنني ورغم كل ما ذكرت لكم مسبقا ً .. لازلت غير مرئية ..
" لست أتحدث عني ، فقط ، بل عن شريحة كاملة من الآلاف التي يجمعنا على الأقل الشريحة العمرية والقدرة على الحلم "
المشكلة الكبرى يا إصدقائي ، إنني ورغم كل ما ذكرت لكم مسبقا ً .. لازلت غير مرئية " لست أتحدث عني ، فقط ، بل عن شريحة كاملة من
الآلاف التي يجمعنا على الأقل الشريحة العمرية والقدرة على الحلم "
لا أحد يهتم أن يكلمنا بشيء ، لا أحد يهتم أن يمسك بإيدينا لنصنع من مدننا أمكنة أفضل ،لا أحد يطالبنا بشيء ، أو يتوقع مننا شيئا ً ..
الحكومة .. مشغولة بشيء آخر غير " الشباب " ( لست بصدد التفكير بمايشغلها ) المنظمات الشبابية ( ذات الطابع الديني المغلق ، أو إن
توسعت تصبح ذات طابع مشترك ) مشغولة هي الآخرى بشيء آخر غير الشباب
وأستطيع ابتلاع مفهوم العروبة حتى إن اضطررت مع قليل من الماء لكنني أهتم بسوريتي ..
اتمنى أن يحكوا لي شيئا ً صادقا ً عنها ، عن تاريخها .. اتمنى أن يدرسوني عن كتابها ..واحدا ً واحدا ً ،أن يطلبو مني ، لا بل يطالبوني .. أن
أسعى كل يوم لأصبح مواطنة أفضل لتكبر .. سوريتي " بي "
أتمنى أن يعطوني سببا ً واحدا ً كل يوم للبقاء .. عوضا ً عن توجيه آلاف الدعوات للرحيل أتمنى ( وبعض ما تبقى لي هو الأمنيات ) أن يكفو
قليلا ً عن البحث في عيوبها .. فساد البعض فيها .. الغلاء .. إلخ إلخ فأنا قد حفظت بثرات وجهها حتى كدت أنسى الجمال القاسيوني المطل
من عينيها أتمنى .. لو يشرح لي أحدهم ما هي حقوقي .. ويملي علي ّ بإصرار واجباتي
لو أحدهم فقط " لم يعد يفرق من " يخاطبني ولو مرة .. ليحكيلي عن بلدي
" احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي
يا نسيم اللي مارق عالشجر مقابيلي
احكيلي "
أرجوا من الادارة عدم الحذف